كيف ستتعامل إدارة بايدن مع الفوضى السورية؟

الموقف الأمريكي في سورية منذ بدء الصراع، يحفه الغموض، ما جعل استراتيجية السياسة الخارجية الأمريكية؛ تتجه للانسحاب من الفوضى السورية شكلياً

كيف ستتعامل إدارة بايدن مع الفوضى السورية؟
الرئيس الأمريكي جو بايدن

إعداد-"السياق":

حملت إدارة بايدن إرثاً ثقيلاً في سورية، فخلال السنوات التسع الماضية، تعاملت الإدارات الأمريكية المتعاقبة مع الملف السوري بطرق انسحابية تارة وهجومية تارة أخرى؛ بعيدة عن إنهاء الصراع السوري بحزم، ما زاد من فوضى التدخلات الأجنبية.

وصلت إدارة بايدن إلى السلطة منذ أسابيع قليلة، بعد فوضى وتمرد مسلح من أنصار ترامب، إضافة لضغط التعامل مع جائحة كوفيد 19 وتداعياتها الاقتصادية على البلاد، ما يجعل سورية ليس من ضمن الأولويات بصورة عملية.

على المدى القريب، ستضع إدارة بايدن الملف السوري جانباً أو تنساه، مع تقديمها المساعدة الإنسانية للسوريين اللاجئين خارج الأراضي السورية، ومع عدم المواجهة العسكرية مع روسيا، أو إيران في سورية.

تخبط الإدارات السابقة

منذ أن بدأ الصراع السورية، تباينت ردود أفعال الإدارات الأمريكية، ما عمق الصراع بين النظام السورية الحاكم في دمشق، وجهات المعارضة السياسية منها والمسلحة، وعمق تدخل الأطراف الخارجية، إيران وروسيا وتركيا وبعض الدول العربية الخليجية، وهدد مصداقية الولايات المتحدة في سورية وخارجها.

الإدارات السابقة، أوباما وترامب، تعاملت مع الملف السوري بطريقتين مختلفتين في الأداء، لكن تشابهت بالنتيجة.

الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، هدد باستخدام القوة في حال تجاوز الخطوط الحمر، وهي استخدام الأسلحة الكيماوية، لكن بعد تجاوز هذه الخطوط، لجأ للتفاوض مع الروس حول اتفاق لإنهاء برنامج الأسلحة الكيماوية في سورية.

أما ترامب، فلم يملك إستراتيجية واضحة لإنهاء الفوضى السورية، وإنما إدارته فرضت عدداً من العقوبات الاقتصادية، على أشخاص ورجالات ومؤسسات النظام الحاكم، كورقة ضغط تمارس ضده لهدف دفعه للقبول بالحل السياسي بدلاً من العسكري.

الموقف الأمريكي في سورية منذ بدء الصراع، يحفه الغموض، ما جعل استراتيجية السياسة الخارجية الأمريكية؛ تتجه للانسحاب من الفوضى السورية شكلياً، فالتصريحات التي أطلقتها الإدارات السابقة، المترافقة مع غموض مواقف الإدارة الحالية، عبارة عن تلاعب بالكلمات وإثبات للوجود الأمريكي في المنطقة، إضافة لحراسة لمدخلاته من النفط العربي والآسيوي.

الجندي الأمريكي يرفع علم بلاده رمزياً في سورية، والقواعد الأمريكية تطوق منطقة الشرق الأوسط، فهي الموجودة الغائبة في الصراع السوري.

في المقابل، وبإشارة سريعة، نجد أن الروس وضعوا رحالهم في سورية ولمدة تتجاوز الـ 49 سنة قابلة للزيادة، لكنهم أرادوا السيطرة ولم يتجهوا للحل.. أرادوا حماية مصالحهم مع النظام السوري، وشكلوا منصات معارضة لإدارتها، فيما الأوروبيين لديهم أولويات أخرى أهم: "اللاجئين - الإرهاب - المصالح الاقتصادية".

الاستراتيجية الأمريكية في سورية، تجعل من الصعب الانتقال السياسي السلس للسلطة، خاصة مع الانتشار الجديد لـ "داعش"، وتوسع الميلشيات الكردية في الشمال والشرق السوري، إضافة لعامل مهم وهو الوجود الإيراني المهيمن على المنطقة، من العراق إلى سورية ولبنان.

قد تكون العقوبات الاقتصادية من وجهة النظر الأمريكية السابقة طريقة للحل السياسي السوري، لكن رفعها يُعَّد مفتاحاً للانتعاش الاقتصادي في سورية، وطريقاً للانخراط الدبلوماسي التدريجي مع الأسد، حسب دعوات بعض أعضاء الإدارة الأمريكية الجديدة.

يظل الانتقال السياسي هو الهدف، إلا أن ذلك لن يحدث في التو واللحظة، مع وجود التطرف الإسلامي في الشمال الشرقي من ناحية، وتدخل دول الجوار، تركيا وإيران وميليشيات حزب الله والميليشيات الكردية من ناحية أخرى.

تحاول الأطراف المعنية تعزيز المكاسب السياسية لها بوجود النظام السوري الحالي؛ والاستفادة من انشغالات الإدارة الأمريكية الجديدة.

بالمقابل، أبدى عدد من كبار مسؤولي إدارة بايدن؛ الندم على سياسات إدارة أوباما للملف السوري، وسيُختبر صدق هذ الندم وأهميته العملية؛ إذا استمرت المعارضة المسلحة على الأرض السورية، واستمر استخدام الأسلحة المحرمة دولياً كالأسلحة الكيماوية، إضافةً إلى قولهم إن العقوبات الاقتصادية أحد أسباب فشل الاقتصاد السوري، وبالطبع، إضافة للفساد وعدم كفاءة كثير من رجالات النظام في إدارة الصراع داخلياً.

كل ذلك يتجه إلى نتيجة واحدة، أن الولايات المتحدة الأمريكية في الوقت الحالي، ليس لديها استراتيجية واقعية أو واضحة لإنقاذ الشعب السوري لا عسكرياً ولا سياسياً، وسيكون الوضع المنطقي للرئيس جو بايدن وإدارته هو العمل على إدارة الفوضى، والتمسك بقرارات المجتمع الدولي؛ فيما يخص الانتقال السياسي؛ على النحو الوارد في البيان الختامي لعام 2012، لمجموعة العمل بشأن سوريا وقرار مجلس الأمن 2254.