جائحة الكورونا توقظ مخاوف الأسلحة البيولوجية

 

بريان والش، مؤلف كتاب المستقبل

ترجمة السياق
 

تؤكد الخسائر البشرية والاقتصادية الهائلة، الناتجة عن انتشار فيروس كورونا المستجد، التهديدات التي من الممكن أن تسببها الفيروسات، والتي من الممكن هندستها عن عمد.

ما المهم: جعلت التكنولوجيا الجديدة؛ مثل تحرير الجينات وتخليق الحمض النووي، عملية خلق الفيروسات أكثر خطورة وسهولة. ومع ذلك، فإن الجهود الأمنية والتنظيمية لم تواكب هذه النوعية من العلوم.

رغم بعض ادعاءات البيت الأبيض، أشارت أدلة علمية كثيرة إلى أن فيروس كورونا المستجد لم يُطلق بطريق الخطأ من المختبرات أو هُندس عن عمد، لكنه تسرب بشكل طبيعي من مصدر حيواني.

هذا لا يعني أن تهديد الأسلحة البيولوجية غير خطير. بالإضافة إلى الذكاء الاصطناعي، تُعد الأوبئة المهندسة أكبر خطر وجودي يواجه البشرية، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنه يمكن هندسة العامل الذي يسبب الأمراض في المختبرات لتحقيق أقصى قدر من العدوى والأمراض الخبيثة، بما يتجاوز بكثير ما قد ينشأ من خلال الانتقاء الطبيعي.

على سبيل المثال، أجرى مركز جونز هوبكنز للأمن الصحي تجربة محاكاة لانتشار الوباء عام 2018 على فيروس وهمي يسمى "Clade X"  قاموا بهندسته، ويجمع بين عدوى نزلات البرد وحِدة فيروس "Nipah" الواقعي، الذي يتراوح معدل وفياته بين 40 و75%، وأسفرت محاكاة انتشار الفيروس عالمياً عن مقتل 150 مليون شخص (افتراضياً).

لا يقترب فيروس كورونا المستجد من خطورة ذلك الفيروس، لكن الجائحة أظهرت ضعف قدرات الولايات المتحدة والعالم أمام التهديدات البيولوجية الطبيعية، أو التي من الممكن أن يُصنعها الإنسان.

وقال ريتشارد بيلش من معهد ميدلبري للدراسات الدولية إن الخصوم المحتملين يرون بالطبع الأشياء نفسها التي نراها، وأي شخص يبحث عن نهج متطرف؛ سواء كان حكومة مثل كوريا الشمالية أو منظمة إرهابية، قد ينظر للآثار التي خلفتها الجائحة بما يجعله يسعى للحصول على الأسلحة البيولوجية.

خلفية: حُظرت الأسلحة البيولوجية رسمياً بموجب اتفاقية الأسلحة البيولوجية عام 1975، رغم الاشتباه بأن كوريا الشمالية تحافظ على برنامج أسلحة بيولوجية هجومية.

هناك قلق بشأن الحرب البيولوجية والإرهاب البيولوجي رغم أن عدداً من الأدوات والأساليب التي يمكن استخدامها لإنشاء فيروس مسلح لا يمكن تمييزها إلى حد كبير عن تلك المستخدمة في سياق البحث العلمي المشروع، هذا ما يجعل التكنولوجيا الحيوية ذات استخدام مزدوج، ما يُصعب عملية وضع نظم آمنة لها دون التأثير سلباً على البحوث التي قد تكون ذات أهمية حيوية.

تركزت مخاوف امتلاك الأسلحة البيولوجية على احتمال محاولة دولة أو جماعة إرهابية التسلح بفيروس خطير مثل الجدري؛ ما يتطلب بطريقة ما الحصول على مُسببات الفيروسات المحظورة، فالتكنولوجيا الجديدة تعني أنه يمكن لشخص ما الحصول على التسلسل الجيني لجرثومة عبر الإنترنت وتوليفها في المختبر.

وقال كيفن اسفلت، عالم الأحياء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وعضو مجموعة عمل احتواء العوامل البيولوجية التابعة لمراكز السيطرة على الأمراض: "إذا تلقيت تدريباً في تخصص تقني ذي صلة، فهذا يعني أنك قادر على صنع أي عامل ضار تعرفه تقريباً. يشمل ذلك الفيروس التاجي الجديد الذي يسبب كوفيد-19، والمُصنع حديثاً من تسلسله الجيني في دراسة نُشرت في مجلة (نيتشر)".

كيف يعمل؟

حالياً، يمكنك طلب الحمض النووي الاصطناعي من الموردين التجاريين، لكن معظم الموردين يفحصون طلبات الحمض النووي لمسببات الأمراض الخطيرة، وهم مطالبين بذلك، ويقول كيفن اسفلت، إن الجميع لا يفعلون ذلك، ما يعني أن جهود السلامة غير مكتملة وغير دقيقة وغير آمنة.

لن تكون جهود الفحص، التي تبحث عن التسلسل الجيني لمسببات الأمراض المعروفة،  بالضرورة قادرة على اكتشاف متى يستخدم الحمض النووي الاصطناعي لصنع شيء جديد وخطير.

في المستقبل القريب، قد تتمكن أجهزة تصنيع الحمض النووي البسيطة من إنتاج حمص نووي اصطناعي في المختبر، ما يلغي الحاجة إلى الموردين التجاريين والفحوصات الأمنية الممكنة.

يمكن لإضفاء الطابع الديمقراطي على التكنولوجيا الحيوية أن يطلق العنان لموجة من الإبداع والابتكار، تماماً كما فعلت ديمقراطية الكمبيوترات الشخصية، لكن ذلك يزيد من عدد الأشخاص القادرين على صنع فيروس خطير، سواء عن قصد أو عن طريق الصدفة.

ما التالي؟

يتفق الخبراء على الحاجة إلى نظام دولي أقوى يهدف إلى السيطرة على الأسلحة البيولوجية وتنظيم أبحاث التكنولوجيا الحيوية ذات الاستخدام المزدوج، لكن نظراً للعداء المتزايد بين الولايات المتحدة والصين بشأن أصول فيروس كورونا المستجد، قد يكون هذا هدفاً مستحيلاً.

وقال بيت كاميرون، من مبادرة التهديد النووي، إن العلماء في عالم التكنولوجيا الحيوية الذين يعملون على الأبحاث ذات الاستخدام المزدوج، والمنظمات الممولة لهم، بحاجة لمعرفة أكبر؛ قدر الإمكان عن المخاطر المسبقة.

واقترح كيفن اسفلت إنشاء آلية فحص آمنة من شأنها أن تستخدم التشفير المتقدم لجعل حصول جهات متطرفة على الحمض النووي الاصطناعي، الذي يمكن استخدامه لأغراض خطرة، أمراً أكثر صعوبةً.

وأضاف أن كوفيد-19 كان كارثة على العالم، لكن هناك احتمال وقوع كارثة أكبر، ونحن غير مستعدين لذلك.

000_8YL8WU.jpg